Tuesday, January 9, 2007

سبعة ضد القمر

هل سيسومونك إعتسافا أكثر مما لحق بنقودك و علب السجاير التي تخصك؟ لا تسأل نفسك هذا السؤال لأنك تفكر فقط في شيئ واحد. هذا الشيئ لا تجسر على أن تحدث به نفسك بصوت مرتفع لأنك تخشى... لا تدري ما الذي لا تخشى بالضبط. و أنت مستلق هكذا على ظهرك تفترش الطمي الناعم تخشى أن يفسدوا عليك استسلامك لبرد كانون من دون أغطية. تتنازعك رغبة ملحة و قوة غاشمة؛ القوة هي جبروت الإعياء و النوم. أما الرغبة فهي التحديق في وجه القمر الحزين. لم تفلح جحافل كانون و غشاوته في تبديد الضياء الذي يغمر العالم في هذه الليلة و بالخصوص روحك التي تموت توقا إلى حرية مجهولة و القمر
في البدء، تنتصر الرغبة نصرها المؤقت المفجع لتتذكر يومك منذ الصباح الباكر البارد و ساعات التدريب في العتمة غير الأكيدة و سطل الماء النتن –البارد بالطبع- الذي دلق على فلفل رأسك. نعم.. لقد جربت النوم في أنفاق المجاري لكن لم تألف قط شيئا بذات الفظاعة الفاقعة. أوسعك أحدهم ضربا بخرطوم أسود قاس ليعلمك كيف تقف على قدميك "صفا" في الفجر الذي هرب صفاؤه إلى غير ما رجعة منذ أن تفجرت أبواب السعير في قريتك البعيدة ذات يوم بدأ جميلا و انتهى بالرحيل الطويل.. الرحيل-الرعب-المستحيل إلى جهة لم تعلمها بسبب أنك لم تجد متسعا من الوقت لتسأل أو، ببساطة، لأنك صغير جدا، و تعرف فقط القرية و الغابة و حبيبتك الصغيرة و أحلاما نيّئة.. أو لأنه لم يبق هناك من يجيب على بقية أسئلتك العمياء
هناك شيئ أكيد واحد بقي في حياتك بعد النقود و السجلير و الدراجة ذات النفير المموسق؛ هو القمر الحزين المطمئن. تنتظر ليلته تلك من كل شهر لتستحضر احتفاءك به رسولا للسنا و الدهشة و مواعيد الحبيبة التي لم تعد سوى ذكرى للفجيعة الحارقة. بعد أن ولدت النقود البكر السجاير تمخضت الأخيرة عن نقود أكثر ولدت بدورها تلك الدراجة التي أصبحت سمتك المميزة على الطرف البعيد من ناصية الجادة الشهيرة و تخومها. كم تستحلي ركوبها معتمرا قبعة حمراء تمشيا مع الجو العام و إتقاء لشمس ربما ستحرقك في الصيف، و تتنكب حقيبتك السوداء التي في أحشائها يزدحم السجاير و قميص مزركش. أما النقود فمستقرها أحد جيوب بنطالك حائل اللون. القمر الذي علموك أنه سلفك العظيم تعتقد أنه منحك كل هذا لتجابه قسوة الإعتياش في العاصمة. حتى إختيارك للمكان تعتقد أنه إختيار القمر. منه ترقب السابلة و المساءات الكالحة و حبيبة محتملة الإنبثاق
في هذا المكان أيضا جاءت الحافلة مسرعة ضد حركة السير و خارج جادّة الأسفلت الأسود. كنت مشغولا بتسليم زبون سيجارة واحدة لذا لم تلحظ حتى طريقة ركوبهم المنذرة بالظلام. لمّا توقفت الحافلة كانوا قد إنقضّوا أولا على السجاير التي كانت موضوعة أمامك على كرتونة فارغة تستعير هيئة منضدة. شرعت تركض مستدعيا قواك المبددة. ركضوا خلفك كأنه سباق للجائزة الكبرى. كنت أنت المتسابق و الجائزة نفسها. استنجدت، في سرك، بالأسلاف و السلف العظيم خاصة. لكنهم صموا آذانهم عنك فيما بدا. في منعطف ما تعثرت و تناثرت أحلامك معفرة بحمرة الأرض البلقع. أنهضوك ثم عادوا بك إلى نقطة السجاير. أشعل كل واحد منهم سيجارة، و أخذوا ما بجيوب البنطال حائل اللون من نقود. في الحافلة قهقه الكثيرون لمرآك منذ أن بدأت تعدو و حتى لحظة إجبارك على الصعود. و على جادة الشارع هز بعضهم الرؤوس دهشة و دون تعاطف
بعد وصولك إلى أرض كنت تسمع عنها و تخشى لحظة ارتيادها، أخذوا يسألونك و يكتبون على كراسة متسخة
ما اسمك
جبرائيل مشار
كم عمرك
ثمانية و ستون و مئة قمرا
بل تسع عشرة سنة
تعلم أن ما كتبوه ليس عمرك، لكنك رأيت من يصغرك سنا بيد أنهم حمّلوه عشرين عاما. ثم بدأ اعتساف التدريب. بدأوا رأسا بحمل السلاح. كم كنت ستبدو سعيدا بتلك البندقية الآلية لو لم يتم ذلك في هكذا ظروف. أعقبت ذلك الأناشيد الحماسية بلهجة قبيلتك. لم تكن متحمسا على الإطلاق. فقط تتذكر السجاير و النقود المستلبة و الدراجة التي ربما ستضيع. لحرصك أخذت تركنها، في الأيام الأخيرة، عند زاوية يفضلها بائع جائل يبيع، هو الآخر، السجاير و ربما الحشيش. كأنك كنت تعلم أنهم في ذلك اليوم بالذات سيأتون لأخذك فأوصيت بائع السجاير و الحشيش أن يسلمها لبائع الثلج الذي لا يبيع، هذا الشتاء، شيئا سوى الشتائم و النكات البذيئة
جبروت القوة يشرع في دك حصون الرغبة و يسري الخدر في دماغك لا لشيئ سوى لأنه الجزء الوحيد الحر الذي تبقى منك. لا تحاول المقاومة لأن غمامة شتوية أخذت في حجب سلفك القمر، أو ربما هو خسوف أنت لم تسمع تنبؤات الفلكيين به. تحلم ما بين الصحو و اللاصحو بأنك عدت إلى ناصية الجادة الشهيرة. لا تجرؤ على الحلم بالرجوع إلى القرية لأنك لا تهدر أحلامك، هكذا، جزافا. لتعد، إذن، إلى حلم الناصية. هناك سيسألك الكثيرون – ربما هازئين أو بدافع الفضول- عمّا جرى. سوف لن تحدثهم عن قذارات الغرفة التي حبسوك فيها سحابة النهار، و الآخرين الذين قضوا فيها يومين قبل مجيئك. لن تخبرهم أيضا عن قرصات البعوض الرهيب في عز الشتاء و الآلام المبرحة في ساقك جراء الضرب الذي تلقيته. و الأهم أنك لن تخبرهم عن أشياء أخرى أكثر فظاعة و بالذات ما سمعته عن اطلاق سراحك إذا دفع أهلك ما تسميه أنت فدية. نعم.. نصف أوقية ذهبا أو فلتقل مئة دولار أميركي.. آه كم هو غريب هذا الوطن.. بالأمس تغادر قريتك الوادع هربا من قدر الحرب، إلى قدر الستعداد القسري للحرب اليوم
تتسابق الأحلام إلى نومك لأن سلفك القمر يهيمن الآن على قبة السماء بعبقرية. تحلم بحببتك الصغيرة و كيف تعلمت العد حتى تحصي، دون معين، الأبقار التي ستدفعها مهرا لها. تتذكر كيف أن شوكة ضخمة طعنتك و استقرت يوما بطوله في باطن قدمك، و كيف أن جدك العجوز ناجى سلفك القمر كي يهبك طول العمر و يذهب عنك كيد الأشواك بدء بتلك الشوكة. في المساء، لوحدها خرجت الشوكة و القمر مكتمل الاستدارة كما هذه الليلة. أخذ أهل القرية – عشيرتك- يسردون تلك الحادثة إلى أن عصفت الحرب بهم و بالقرية. لكن الإظلام المفاجئ هو الذي يحجب الأحلام عنك الآن. لا بد أن شيئا أغضب القمر فتوارى. تستيقظ و تفتح عينيك. تجدهم يقفون بينك و بين القمر. إنهم السبعة الذين دخنوا سجايرك دون مقابل

Tuesday, December 26, 2006

شظايا الروح و أعمدة يثقلها الرماد: إلى أحمد أبوحازم

نجمة بعثت الضوء زمنا
في حلمها الأخضر يتشظى عمودان غير متناسقين من الإخضرار الآخر. تتقارب شظاياهما ثم قسرا تتباعد، لكن أبدا ليس ببواعث التنافر. و يستدير بها الحلم لتتشظى ذاتها ضوءاً أخضر مخلفة وراءها أعمدة
تتراكض كما السخام الباحث عن تحرر مستحيل
(1)
تستقبل صباحات الصيف بكسل ذي شقين لأنك تعلم حتمية أن تفعل ذلك. و أنت تجلس هنا تحت هذه المظلة المقوسة التي كأنما صنعت خصيصا كي لا تقي أحدا شر الصيهود، لا تملك سوى أن تأسى لعدم تمكنك من المشاركة في التظاهرة ضد الحرب. . التظاهرة التي، منذ البارحة، أجمع رفاقك على تنظيمها بعد أن أعدوا لذلك اللافتات و الشعارات. تعلم أنهم صوروا العلم الأميركي و وضعوا عليه خطين قطريين متقاطعين دلالة رفضهم. لا تنسى أنهم طبعوا أوراقا كثيرة بحروف محروقة السواد تقول: لا للحرب
و أنت تجلس هنا تحت هذه المظلة الضيقة المقوسة، التي كأنما صنعت مقاعدها كي لا تمكن أحدا من الجلوس عليها طويلا، تعلم أن التظاهرة فاتتك قهرا. و تعلم أكثر أنك قهرا تؤدي هذا العمل في صباحات الصيف كما في صباحات الشتاء و أماسيه و كما الآن. ما أعجب العادة حين تمسي استنساخا للقهر
(2)
يفكر الآن فقط في صقل حذائه بعد أن تغبر أثناء الخوض في المسيرة التي شارك فيها دون سابق اعتزام. رأى الجمع يمر أمامه. رفعه هتافهم عاليا إلى سموات الشفافة. هتف و هو يقف على حافة الجادة رافعا يده، ثم و هو على قارعة الطريق، و طار معهم باستمطار اللعنات على الاستكبار، و خاض في بقية الأجساد واحدا أصيلا منهم
بعد إنتهاء المسيرة، لم يفكر سوى في أن يسلم حذاءه إلى صابغ أحذية، أي صابغ، كي يرتقه و يلمعه ذكرى لأحداث المسيرة. هل إنتهت المسيرة حقا، أم قُمعت إلى غير ما نهاية؟ إتجه الحشد السائر إلى السفارة الأميركية الكائنة على بعد ميل، لكن الشرطة تدخلت، و تداخلت الأشياء مشتبكة مع بعضها؛ الشعارات، الناس و الشرطة، الملائكة و شياطين ذلك الجحيم. هل قمعت الشرطة التظاهرة، أم قمعت التظاهرة الشرطة؟ النتيجة قتيل و جرحى عديدون، و أبخرة حارقة في حلقه و وجهه. لم يهتم بثيابه التي تشعثت لفرط رغبته في مسح حذائه القديم الموغل في الإهتراء.
هل إختار حذاءه ذاك بمحض الصدفة لينتعله في هذا اليوم الذي إعتزم البحث فيه عن ابنه؟
ابتدأ بمراقبة تظاهرة الصبية في الحي. أصغرهم في السادسة، أو ربما في الخامسة، و أكبرهم ناهز الثالثة عشرة. استقبلهم متفرسا في الوجوه الصغيرة، ثم وقف على جانب الطريق عندما حاذوه، و أخيرا تبعهم من الوراء زمنا. لكن قلبه نبض فقط مع هتافهم المندد بالحرب و لم ينبض بالأبوة. أدرك أن الابن لم يكن هناك معهم برغم ما تناهى إليه من أنه سيكون واحدا منهم. هل كبر ذلك الابن المزعوم لدرجة أن يشارك في التخطيط لتظاهرة مناوئة للحرب مع رفاقه و هو بعد لا يعدو ان يكون في العاشرة؟ من اين له هذه النزعة؟ قطعا، هي ليست منه، أي الأب. ربما ورث ذلك عن الأم، التي هي الآن بين يدي الله، و قد بارحت هذا العالم قبل أن ترى جهارا أكبر نموذجين للديموقراطية و هما يغزوان بلدا مستقلا بدعوى إقامة الديموقراطية فيه و تحرير شعبه. يكاد يجزم أنها لو عاشت لم تكن لتدرك كنه المسألة. و لكن ما هو أكيد أنها ستستنكر الحرب تضامنا مع الابن، و ربما معه ذاته حنينا إلى حب شفيف جمع بينهما ذات أزمنة قزحية. هل سيكون الابن شبيها للأم في الخلقة أيضا، أم سيشبهه هو؟ ذلك لا يهم كثيرا! ما هو مهم أن يجده و يضمه إليه، و يعيشان معا.. لكن أين سيعيشان؟ هو شبه متشرد أو، بتعبير أكثر صراحة، بقايا انسان بعد رجوعه-الهروب- من تلك البلدة القصية حيث إندلع القتال فجأة. لم يكن له من موئل سوى السير على قدميه لثلاثة أيام منتعلا هذا الحذاء عينه الذي أهدته إليه أمل ذات يوم. وقتها طالبته أن يكون ذا مظهر أنيق على الدوام بدءً من الحذاء مرورا بهندامه و إلى تسريحة شعره، و أخرجت من حقيبتها الحذاء هدية بتلك المناسبة
منذ ذلك الحين و لأوقات طويلة كان لا يلبس الحذاء إلا إذا كان رائق المزاج و تنبعث في روحه ذكرى أمل و ضوع السعادات. لذا لبس الحذاء و خرج يتمشى تحت سماء لازوردية. بيد أن دوي الأسلحة و المقذوفات شرع يمحق كل شيئ بدءً بمزاجه، مرورا بروحه و انتهاءً بكل الأشياء ما حوله. تذكر أنها ذات يوم جميل قالت له: إذا ما واجهت مشكلة في تلك البلدة فاركض، اركض بكل قواك. لذا أخذ يركض إلى ما ظن أنه البعيد.. البعيد الذي سيكون خلف السنوات العشر التي قضاها في تلك البلدة و التي وصلها ذات يوم بنية المكوث فيها لشهر متخفيا
(3)
بالأمس القريب عندما ذهبت لإحضار علبة ملمع الأحذية التقيت صبيا في مثل عمرك يسير برفقة رجل هو ،حتما ، أبوه. كانا في نظرك منسجمين كأنما هما أخوين، مع أنك لم تجرب مذاق الأخوة. ذهبت بخيالك تبحث عن ذلك الذي كان أباك. لم تجد له صورة واحدة. مضيت إلى أقرب مكان لتجد فيه زجاجا عاكسا أو ربما مرآة لتتطلع إلى صورتك هناك، فقد ذكرت لك أمك الكبيرة أنك تشبه اباك كثيرا. تلك كانت المناسبة الوحيدة التي تكلمك فيها عنه. أما والدتك فقد حدثتك عنه مرة أو مرتين، و لم تزد خلال حديثها سوى على أنه لم يكن على وفاق مع السلطة و لذا فقد سافر إلى بلدة بعيدة منذ زمن بعيد أيضا. لو أن الموت لم يتخطفها كنت تعلم أنها ستحدثك بما تريد معرفته عن أبيك. هكذا انتهى بك الحال إلى تلميع الأحذية على حافة الموقف الكبير للحافلات تحت مظلة ضيقة لا تصلح مقاعدها للجلوس
(4)
لم يجد صباغا واحدا للأحذية في وسط المدينة. يبدو أن حذاءه الاثير هذا سيظل دون تلميع، و ما جدّ فيه من فتق سيظل ضاحكا هكذا يوما آخر على الأقل. هل بقي للأحذية فقط أن تضحك قهرا بينما منتعلوها أنفسهم يرزحون تحت وطأة أحزان محقت قسرا كل ما هو جميل؟ هل سيكون عدم عثوره على صباغ أحذية نذير سوء بأشياء و أحداث قادمة و بالأخص بحثه عن الابن و حياة جديدة يقتل نفسه ناشدا إياها أيضا؟ هل يمكن له أن يتصور الفصل، القسري طبعا، بين الاثنين؛ بين أن يجد الابن و بين أن يعيش حياة جديدة؟من حوله يزداد تراكض الناس و هرجهم فينبعث من ذهوله و جموح أفكاره. لمحها هناك تلك التي يتراكضون متزاحمين نحوها
إنها الحافلة! فعل مثلهم بلا تفكير. في آخر الأمر وجد نفسه محشورا في الباب مع آخرين بعد أن امتلأت المقاعد عن آخرها منذ زن بعيد كان قد قضاه متفكرا. تمسك منافسوه بالتزاحم على باب الحافلة التي شرع محركها في الهدير. فجأة لمح صباغ أحذية تحت إحدى المظلات. كانت المظلة مقوسة و ذات مقاعد قاسية مرتفعة كثيرا عن الأرض، و كان صباغ الأحذية صغيرا جدا! ربما هو أصغر صابغ أحذية يراه في المدينة. إزدادت نبضات قلبه تسارعا على تسارعها الناجم عن السباق نحو الحافلة. عزم على أن يترجل و يمضي إلى الصباغ الصغير. عندها كانت الحافلة قد تحركت و أخذت منعطفا حادا حتى تستوي هاربة من وسط المدينة المثقل بالفوضى و التراكض. حاول أن يقفز من الباب بيد أن يده انحشرت في جيب أحد مزاحميه على الباب، فهتف به الاخير
أيها اللص
و أمسكوا به، بل بدأ بعضهم في ضربه و توجيه عبارات جارحة، لم يعهدها من قبل، إليه. آلمه الضرب بيد أن العبارات آلمته أكثر، مزقت ما تبقى له من سلام روحي. حاول أن يوضح لهم أن ما حدث كان محض إتفاق، لكنهم كانوا يزدادون قسوة. ثم قام أحدهم من صف المقاعد الأخير و أخذ يسوطه بحزام جلدي قاس بقسوة و غل.بعد أن أشبعوه ضربا إقترح أحدهم التوجه إلى قسم الشرطة، فاتجهت الحافلة إلى هناك. حال وصولهم القسم أرغموه على
الترجل، و صحبه بعضهم نازلا بدافع الفضول
(5)
في الحافلة على المقعد الأخير سأل أحدهم ذاك الذي كان يسوط ذا الحذاء الضاحك بقسوة مستخدما حزامه الجلدي
لم لم تدخل إلى القسم معهم؟ ألم يسرقك الرجل؟
أجاب الآخر بتشف
لا! و لكن سرقني أحدهم قبل يومين في إحدى الحافلات

Seven against the Moon


Can anything they do to you be more humiliating than that which has already happened to your money and cigarette packets? You do not ask yourself such a question because you think only of one thing .This thing you dare not speak aloud, because you fear… You do not know what not to fear exactly.

While you are lying on your back in this way, stretching your body on the fine clay without any coverings, you fear that they will spoil your surrender to the chilliness of January. You are filled by an outrageous power and insistent desire. The power is the arrogance of fatigue and sound sleep, whereas your desire is to stare at the face of the mourner moon. The suffering and mist of January have not succeeded in completely dispersing the light suffusing the universe this very night. It steals even into your soul, which is dying from longing for an unknown freedom and the moon.

First the desire to mourn the moon you lost gains its temporary and disastrous victory and so you remember the present day from its early and chilling morning, the hours of drill in the uncertain dimness and the cold water bucket which was poured onto your head .Yes, you had experienced sleeping in the drain tunnels, but you never before knew such intense horror.

Somebody beat you with a tough black water pipe to teach you how to stand to your feet 'at ease' in the dawn, the ease of which has fled without return since the doors of hell were opened in your distant village.

This disaster occurred on a day that began beautifully and ended in a long exodus and flight, horrifying and impossible, in a direction you did not know because you did not have enough time to ask or simply because you are too young and know only the village, the forest, your young darling and your immature dreams. Perhaps there is no one left to answer the rest of your blind questions.

There is only one certain thing left in your life after the money, the cigarettes and the bicycle with the musical horn were taken away. That is the sad peaceful moon. You wait for that night of his in every month to recall your celebrating him a prophet of brightness and amazement. The moon reminds you of your trysts with your beloved, a memorial to the incinerating catastrophe.

After giving birth to the cigarettes, the virgin money gave birth to more money which in turn gave birth to a bicycle. The bicycle which had become your trademark at the far end of the famous avenue and in its neighborhood. How sweet you found it to ride wearing a red cap, which made you look trendy and protected you from the burning sun. From your shoulder swung your black bag, its viscera crowded with cigarettes and a brocade shirt. The money was inside your trouser pockets. You believed the moon, which you had been taught is your great ancestor, had given you all this so you could face the hardship of living in the capital. Even the choosing of the street corner, you thought, was the choice of the moon. From it you watched the pedestrians, the gloomy evenings and the possibility of a new love passing nearby.

It was also in this place that the bus came hurrying against the direction of traffic and outside the black asphalt road .You were busy giving a cigarette to a customer. That’s why you didn’t even notice the lawless approach, typical of the darkness carried onboard. When the bus stopped they had already rushed upon the cigarettes spread out in front of you on an empty carton that served as your table. You began running, evoking all your depleted forces. They ran after you as though it were the Grand Prix competition and you were the competitor and the prize itself. Covertly you called for the help of the ancestors and, in particular, your great ancestor the moon- but it seemed the ancestors had plugged their ears. At some turn you stumbled and your dreams were scattered and covered in the red dust of the wild ground. They made you rise, then returned you to the cigarette stall. Every one of them lit a cigarette and they took all money from the pockets of your bright-colored trousers. Many people inside the bus laughed at you, since they saw you try to escape and fail. And on the avenue some people shook their heads in surprise but without sympathy.
After your arrival in the place you had heard much about and feared, they began questioning you and writing on a dirty pad,
"What is your name?" "Gabriele Maschar!"
"How old are you?"
"One hundred sixty eight moons!"
"Yet nineteen years!"

You know that what they have written is not your real age, but you have met younger ones who were marked down as twenty-year-olds.
Then the tyranny of the drill began. Immediately they started with the handling of arms. How happy you would have been to carry that automatic rifle under different circumstances.
Enthusiastic anthems in your tribal dialect followed. You were not enthusiastic at all. You remembered only the cigarettes, the stolen money and the bicycle that might be lost. For the sake of caution you had recently taken to parking it on a corner favored by a hawker who used to sell cigarettes and perhaps marihuana. It was as if you had known that they would be coming to take you that day, so you had ordered the hawker to hand the bicycle over to the ice seller, who sold this winter nothing but swearwords and obscene jokes.

Eventually the arrogance of fatigue and sound sleep begin to smash the forts of memory. The narcosis of sleep creeps to your brain for no reason other than that your brain is the only free part left of you. You do not try to struggle against sleep because a winter cloud has started to veil your ancestor the moon. It might be the eclipse which you have not heard foretold by meteorologists.

Between sleep and wakefulness you dream that you have returned to your corner of the famous avenue. You do not dare dream of returning to your village because you do not waste your dreams at random. Therefore you return to the dream of the corner. There, many people will ask you, perhaps caustically or with curiosity, about what had happened.

You shall not tell them about the filthinesses of the room in which you were detained all the day together with the ones who had spent a couple of days in there prior to your arrival. You shall not tell them also about the terrible mosquito stings in the midst of winter and the sharp pains on your leg due to the beatings you received. Most importantly, you shall not tell them of other things that are uglier, or what you heard about your release if your people paid what you call a ransom. Yes, a half ounce of gold or, say, a hundred US dollars. How strange this homeland is! Yesterday you left your peaceful village escaping from a destiny of war to the destiny of the forced preparation for war!
The dreams race to fill your sleep because your ancestor the moon dominates the dome of the sky. You dream of your young beloved one and of the day you learned to count in order to count without assistance the cows you would pay as her dower. You remember how a stout thorn stabbed you and lodged itself for a whole day in the sole of your foot. You remember how your old grandfather whispered to your ancestor the moon to grant you long life and keep away from you the cunning thorns, starting with that one. The same evening the thorn emerged from your foot while the moon became a circle like tonight. Your people the villagers told stories of that incident till the war swept them and the village away.

The sudden darkness veils the dreams from you now. Something has made the moon angry so that it has hid itself. You wake up and open your eyes. You find them standing between you and the moon. They are the seven who smoked your cigarettes at no cost.